كوننا الذي الذي نعيش فيه من الممكن أن لا يكون هو الوحيد و في حقيقة الأمر يمكن أن يكون كوننا هو واحداً من بين عدد لا متناه من الأكوان التي تشكل ما يسمى بـالإنكليزية multiverse. على الرغم من أن هذا المفهوم قد يكون صعب التصديق و قد يبدو غبيا، لكنه يتضمن أفكاراً فيزيائية جديدة وأنيقة. هناك عدة طرق للوصول إلى مفهوم الكون المتعدد فهناك الكثير من النظريات الفيزيائية المستقلة عن بعضها البعض و التي توصلنا إلى هذا الإستنتاج، في الواقع فإن عدداً من الخبراء يعتقدون أن احتمال وجود أكوان خفية عنا أكبر من عدم وجودها. النظرية ببساطة تقول أن الكون الذي نعيش فيه ما هو إلا واحد فقط من أكوان عديدة، حيث هنالك أكون أخرى في الوجود لكن لا ندركها، وفي كل كون من تلك الأكوان توجد حياة مثل الحياة الذي نحياها. قد تبدو هذه النظرية للوهلة الأولى غريبة وخيالية إلى حد الجنون، لكنها في ميزان العلم الحديث لها وزن وقيمة، فعلماء فيزياء الكم (Quantum Physics) وعلماء الكون (Cosmologists) يدرسون هذه النظرية منذ خمسينيات القرن الماضي في محاولة لإيجاد أي دليل مادي للتأكد من حقيقة هذه الأكوان. يشرح عالمُ الفيزياء الحاصل على جائزة نوبل «ستيفن واينبرغ-Steven Weinberg» في أحد كتبه كيف صنع العلمُ العالمَ الحديث، وإلى أين سيصلُ بنا في المستقبل. يُمكنُنا اعتبارُ تاريخ الفيزياء كمُحاولة لتوحيد العالم من حولنا، تدريجيًا وعلى مرّ قرونٍ عديدة، بملاحظة الظواهر التي كانت تبدو غير مُرتبطة، وجدناها مُتصلة اتصالًا وثيقًا. استلم الفيزيائي ستيفن واينبرغ من جامعة تكساس في أوستن، جائزة نوبل عام 1979م، لتحقيقهِ تقدُّمًا كبير في ذلك المسعى. حيث أظهر كيف أنّ الكهرومغناطيسية والقِوى النوويّة الضعيفة هي تجلياتٌ لنفس النظرية الأساسية (اشترك واينبرغ بالجائزة مع «عبد السلام-Abdus Salam» و «شيلدون غلاشو-Sheldon Glashow»). تحدَّث واينبرغ لـ «مجلة كوانتا-Quanta Magazine» عن ماضي ومستقبل الفيزياء وعن دور الفلسفة في العلم، والاحتمال المُذهل أنّ الكون الذي نراهُ من حولنا عبارة عن شظية صغيرة من أكوانٍ مُتعددةٍ أكبر. الصحفي: عندما نتحدث عن الأكوان المتعددة، يبدو كما لو أنَّ الفيزياء تحتكُ بالفلسفة. أغضب عددٌ من عُلماء الفيزياء (من ضمنهم ستيفن هوكينغ ولورانس كراوس) الفلاسفةَ عبر وصفهم الفلسفة بأنها عديمة النفع. ويُلاحظ في كتابك الجديد أنّك تتفق معهم. فهل هذا صحيح؟ ستيفن واينبرغ: أعتقد أنّ الفلسفة الأكاديمية مُفيدة فقط في المعنى السلبي، بمعنى أن يُعجب علماء الفيزياء في بعض الأحيان بالأفكار الفلسفية، بحيث يكونُ من المُفيد أن نسمع من الخبراء أنّ تلك الأفكار قد تم اعتراضها ضمن المجتمع الفلسفي. وأحد الأمثلة هو الفلسفة الوضعية «positivism»، التي تنصَّ على أنّه يجب عليك أن تتحدث فقط عن الأشياء التي يُمكن رصدها أو ملاحظتها مباشرة. أعتقد أن الفلاسفة أنفسهم قد اعترضوا على ذلك، ومن الجيد معرفة هذا. من الناحية الأخرى، قد يدور نوعٌ من النقاش الفلسفي بين علماء الفيزياء أنفسهم، فعلى سبيل المثال، أثار النقاش الذي أجريناهُ سابقًا عن الأكوان المتعددة مسألة ما هو متوقعٌ من أي نظرية علمية، وهو متى نرفضها بوصفها خارج نطاق العلم ومتى نقبلها بوصفها مؤكدة. هذه أسئلة فوق علمية «Meta-science»، إنها أسئلة فلسفية. لا يبدو أنّ العُلماء توصلوا إلى اتفاق بشأن هذه الأمور -كما في حالة الأكوان المُتعددة- ولكن حتى الفلاسفة المختصون لم يفعلوا ذلك أيضًا. كما هو الحال في مثال الفلسفة الوضعية، يقف عمل الفلاسفة في الواقع عقبة في طريق التقدُّم. فهو الحال ذاته أيضًا مع منهجٍ يُعرف بالبنائية «constructivism» وهي الفكرة القائلة بأنّ النظريات العلمية لكل مجتمع هي بناء اجتماعي، كما مؤسساته السياسية، ويجب أن يُفهم على أنّهُ نتاج بيئة ثقافية معينة. لا أعلم إذا ما سأدعوها نظرية فلسفية أو نظرية تاريخية، ولكن على أي حال، أعتقد أن هذا الرأي خاطئ. وأرى أيضًا أنّها قد تُعرقل عمل العلم، لأنّها تُبعد أحد أعظم مُحفزات العلم، وهو اكتشافُ شيءٍ ما، وهو في المعنى المُطلق مفصولٌ عن أي بيئة مجتمعية، وحقيقيٌ بالفعل. لقراءة المزيد حول المقابلة الصحفية مع الفيزيائي ستيفن واينبرغ : نظرية الأكوان المتعددة بين الخرافة والمنهجية العلمية | موقع أنا أصدق العلم Comments are closed.
|